سمعنا كثيرا بالمثل القائل : ” وراء كل رجل عظيم امرأة ” فهل سمعنا بمقولة : ” وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة “
هل الطفولة المعذبة و المضطهدة و المضطربة , يمكن ان تنعكس على الطفل بعد ان يشب و يصبح رجلا يافعا ؟ الجواب الذي سيسارع اليه الجميع هو نعم .. و هو بلا شك كذلك في معظم الحالات الا من رحم الله .. عز و جل
فيما يلي نماذج لرجال مشاهير , عاشوا طفولة معذبة لا يعرف عنها الكثيرون , طوى تفاصيل طفولتهم المعذبة النسيان , و التصقت في ذاكرة الناس الصورة المعروفة عنهم فقط , اشخاص ديكتاتورين , و ساديين .. و مجرمين .. و ان كان بعضهم في نظر فئات كبيرة من شعوبهم في الزمن الذي عاشوه ابطالا يستحقون التكريم و التمجيد .
هتلر
لنبدأ بالشخصية الأشهر الزعيم النازي , أدولف هتلر و الملقب ب ” الفوهرر ” , التصق اسم هتلر بالنازية , و اصبح تعبير نازي يدل على الوحشية و العنف و الاضطهاد .
طفولة هتلر المضطربة
لنسمع كيف يصف هتلر ” الزعيم النازي ” معاملة ابيه له في طفولته , و التي توضح الطفولة المضطربة التي عاشها هتلر في صغره مع والده حاد الطباع مع ابنه و زوجته ، هتلر نفسه صرح أنه في صباه كان يتعرض عادة للضرب من قبل أبيه ، و بعدها بسنوات تحدث إلى مدير أعماله قائلاً « عقدت – حينئذ – العزم على ألا أبكي مرة أخرى عندما ينهال علي والدي بالسوط . و بعد ذلك بأيام سنحت لي الفرصة كي أضع إرادتي موضع الاختبار . أما والدتي فقد وقفت في رعب تحتمي وراء الباب . و أنا أخذت أحصي في صمت عدد الضربات التي كانت تنهال علي مؤخرتي »
كانت علاقة الزعيم النازي هتلر بوالدته قوية جداً في طفولته ، و لكنها كانت على النقيض تماما مع والده الذي كان شديد القسوة في معاملته ، ذلك لأنه أراد لهتلر أن يسلك الطريق الذي سيوصله للعمل كموظف جمارك مثله ، لكن الأخير رفض ذلك لأنه كان يريد أن يصبح رساماً ، لهذا وصف هتلر نفسه في كتابه “ كفاحي ” أنه فنان أساء من حوله فهمه .
ربما قليلون – منهم انا كاتب السطور – يعرفون ان هتلر كان فنانا شبه محترف في صغره , و هذا بلا شك سيثير الاستغراب الشديد , كيف يجتمع الحس المرهف للفنان مع السادية و العنف و التعذيب التي يتسم بها الديكتاتوريون أمثال هتلر ..
احدى لوحات هتلر الفنيةيعتقد بعض المؤرخون أن العنف الأسري الذي مارسه والد الزعيم النازي هتلر ضد والدته قد تمت الإشارة إليه في جزء من أجزاء كتابه الشهير « كفاحي » ، و الذي وصف فيه بالتفصيل واقعة عنف عائلي ارتكبها أحد الأزواج ضد زوجته ، و تفسر هذه الواقعة ، بالإضافة إلى وقائع الضرب التي كان يقوم بها والده ضده ، سبب ارتباط هتلر العاطفي العميق بوالدته في الوقت الذي كان يشعر فيه هتلر بالاستياء الشديد من والده .
العنف الأسري و العنف ضد الطفل و القسوة المبالغ بها , بلا شك , لا يولد شخصا قويا سويا خاصة عند اساءة استخدام الضرب و استعماله كوسيلة سهلة لقمع الطفل .
…….
ملك أفلام الرعب .. ألفريد هيتشكوك
ربما لا يعرف كثيرون من هو الفريد هيتشكوك ؟
الفريد هيتشكوك هو رائد أفلام التشويق و الرعب في العالم . اصبح اسمه مدرسة في ” افلام الرعب و الاثارة ”
و لسنا بصدد الحديث عن تجربة الفريد هيتشكوك في الاخراج السينمائي و لا بصدد الحديث عن افلام الرعب التي قام باخراجها للعالم …
و لكننا بصدد الحديث عن حادثة معينة في طفولة ملك افلام الرعب الفريد هيتشكوك , و هذه الحادثة تركت أثرا كبيرا في نفسية هيتشكوك , بل انها انعكست على بعض افلامه ..
طفولة الفريد هيتشكوك
ولد ألفريد جوزيف هيتشكوك في 13 أغسطس 1899 في العاصمة البريطانية لندن ، و تلقى تربية كاثولوكية صارمة. كان الطفل الأصغر من بين ثلاث أطفال لوليام هتشكوك ( 1862 – 1914 ) الذي كان يعمل بائع دواجن و خضراوات ، و إيما جين ، و كلاهما من أصول إيرلندية.
و صفت السير التي كتبت عن طفولته بأنها كانت طفولة مضطربة مطبوعة بالوحدة بسبب السمنة المفرطة التي كان يعاني منها الفريد هيتشكوك و كانت تحول دون تواصله مع أقرانه . و قد فقد هيتشكوك والده و هو في الرابعة عشرة.
و يروي هيتشكوك مشهدا من طفولته كان له تأثير عميق على اختياراته لمواضيع تلامس سوء المعاملة و العلاقة مع الشرطة . فقد بعثه والده و هو دون الخامسة إلى قسم للشرطة ممسكا ورقة توصي عناصر الأمن بسجنه لدقائق من أجل تأديبه لسوء سلوكه ، و هو ما فعلوه ، فظلت هذه الواقعة موشومة في ذاكرته !
هل طفولة الفريد هيتشكوك المضطربة و وفاة والده المبكرة جعلت منه هذا الشخص السوداوي الذي استحق لقب ” ملك ” و لكن في في عالم الظلام و الرعب ” افلام الرعب ” !
من اقوال الفريد هيتشكوك , حول منهجه في افلام الرعب :
” الضربة لا ترعب ، ما يرعب هو انتظارها “
…..
و بنظرة سريعة على جملة من ديكتاتوري العالم و طغاته :
بول بوت ” جزار كمبوديا “ : كان ” بوت ” ابنا لفلاح فقير يعمل لدى إقطاعي يسكن العاصمة. و عندما كان يعود إلى القرية يأخذ في ضرب أولاده وزوجته، التي تعمل خادمة في المنازل . و عندما تسلم بول بوت الحكم أفرغ المدن و أرسل أهلها إلى العمل في الحقول .
الزعيم الشيوعي ستالين: كان ستالين ابن اسكافي سكير و أم اضطرت إلى العمل في البيوت لإعالة زوجها المدمن و ابنها الوحيد. و هرب ستالين من ماضيه لدرجة أنه غير اسمه . و كره والدته ، و خلال ثلاثين عاما قابلها ثلاث مرات ورفض دعوتها إلى الكرملين . و لم يثق ستالين طوال عمره بأي انسان . كما أعدم معظم من حوله و قتل مئات الالاف .
بنيتو موسوليني :
بعد وصول الزعيم الفاشي موسوليني للسلطة في ايطاليا ألغى الأحزاب و المنظمات النقابية و منع أي نشاط لغير الفاشيين و مارس القمع و العنف ضد كل خصومه و نصب نفسه القائد الأوحد . تنسب له و لحزبه كلمة الفاشية .
في الشأن الخارجي غير بنيتو موسوليني سياسة إيطاليا تجاه ليبيا ، فنقض الاتفاقات المعقودة مع الليبيين و رفض الاعتراف بالمحاكم الشرعية في المناطق التي يسيطر عليها الإيطاليون و احتل مركز القيادة السنوسية في أجدابيا , كما أعدم المجاهد عمر المختار عام 1931.
طفولة موسوليني : عاش موسوليني طفولة مضطربة , ولد بنيتو موسوليني في عائلة إيطالية شديدة الفقر . و كان والده مهوسا بالأعمال السياسية الصغيرة و أمه تعمل لتربيته . طعن رفيقا له و هو في الثامنة من العمر. و كما انتهى هتلر بعد حرب مدمرة منتحرا انتهى حليفه موسوليني معلقا من ساقيه هو و عشيقته التي حاول الفرار معها إلى سويسرا .
ويبحث كتاب «وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة» (1) في ماضي أشهر ديكتاتوريي العالم لكي يؤكد نظرية الفرنسي جان انوي القائل: إن حاضر الإنسان ومستقبله نتاج لماضيه الذي لا يستطيع الخروج منه.
نيكولاي تشاوشيسكو ” ديكتاتور رومانيا “ : بدأ حياته اسكافيا وأطلق على نفسه مجموعة ألقاب منها : « القائد العظيم » « الملهم » . بنى نيكولاي تشاوشيسكو لنفسه خمسة قصور عمل في أحدها فقط 17000 رجل ، فيما كان يمنع هذا الديكتاتور عن شعبه الخبز . أما عن طفولة تشاوشيسكو فقد كان والده سكيرا مثل والد ستالين . و تحاشى تشاوشيسكو الإشارة إليه طوال حياته . و عندما مات لم يحضر جنازته . انه رجل تريد رومانيا أن تنساه بلا شك .
أضف تعليق