الخواف الاجتماعي ( الرهاب الاجتماعي ) Social Phobia
ما هو الرهاب الاجتماعي ؟ و فيما يختلف هذا المرض عن الخجل العادي ؟ وما هي اعراض و اسباب و علاج الرهاب الاجتماعي ؟
الخواف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي هو : مخاوف مرضية مستمرة و حادة و لا عقلانية و يحدث للمريض الارتباك و الشعور بالإحراج من تلك المواقف .
و يتجنب مرضي الخواف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي المواقف الاجتماعية لأنهم يخشون تدقيق و إمعان الآخرون فيهم ، و يقومون أنفسهم بطريقة سلبية ، و الخواف من الآخرين يبدو بصور مختلفة فعلي سبيل المثال : تجنب بعض المرضي التحدث في الأماكن العامة حيث يشعرون بارتعاش أيديهم ، أو صعوبة في إصدار الأصوات كما يتجنب هؤلاء المرضي تناول الطعام في الأماكن العامة كالمطاعم و الحدائق و يصل الأمر أنهم فقد يجدون صعوبة في بلع الطعام .
كما أنهم ينسحبون من أنشطة المجموعة ، و هم يتشبثون بالراشدين المألوفين لهم ، و في المدرسة يكون الرعب و الخوف من الإجابة علي الأسئلة ، و يبقون علي صمتهم عندما يسألهم المعلم ، و يخشون القراءة أمام الفصل ، و زملائهم يسخرون أو يستهزئون منهم ، لأنهم يرفضون الذهاب معهم إلي الحفلات .
و الطفل المصاب بالخواف الاجتماعي عادة ما يتلجلج و يحمر وجهه و أذناه و يختفي البعض خلف المقاعد أو الستائر أو المناضد عند مواجهة الغرباء بالرغم من أنهم طبيعيون جدا بين ذويهم داخل المنزل . و يصبح الطفل منسجما اجتماعيا مرتبكا خجولا عندما يكون في صحبة أناس غير مألوفين له ، و يصبح قلقا عندما تفرض عليه الظروف أن يتفاعل مع غرباء ، و عندما يكون قلقه الاجتماعي شديدا قد يصمت لدرجة يظن معها أنه لا يستطيع الكلام رغم أن مهاراته الكلامية طبيعية .
و من الراجح بصفة خاصة أن تسبب هذه المخاوف المرضية نوبات الدوخة و الإغماء المنذر ، و عدم التوازن ، و استغرابالواقع و الاختناق , و يشير أخصائيون أن النضج يلعب دورا مهما في بروز المخاوف من الغرباء ، فالطفل الرضيع يظهر خوفا واضحا في وجود أشخاص غرباء عنه .
وفي هذا الصدد يشير أخصائيون إلي أن الخوف لدي الطفل الرضيع مرتبطا بالخوف من الغرباء نتيجة لاتصالهم بهم ، فيبدي الطفل الرضيع خوفا شديدا من رؤية بالغ غريب عنه في حالة وجود والديهم بجانبهم ،ويظهرون أمارات الحملقة ، ويركزون أعينهم في خوف منهم ، ويظلون بدون حركة لفترة قصيرة ، وهم علي هذه الحالةيبكون ويصرخون خوفا وفزعا وقد يلتصقون بآبائهم في خوف ، ويزداد الخوف من الغرباء بدرجة كبيرة عندما يكون الارتباطبين الطفل ووالديه وثيقة ، ويتأثر الخوف من الغرباء بالمركز وموقع الطفل في أسرته ، فيظهر الطفل الأول مخاوف حادة منالغرباء ، وتؤثر عملية الاتصال بين الطفل ووالديه في قدرة الطفل علي التعامل مع الغرباء بفعالية .
معدلات انتشار الخواف الاجتماعي ( الرهاب الاجتماعي )
تبلغ معدلات انتشار الخواف الاجتماعي ( الرهاب الاجتماعي ) 13% و تبلغ هذه المعدلات علي مدار الحياة 13.3% ، و يبلغ انتشاره خلال سنة واحدة في عينات مجتمعية 7.9% ، و تبلغ نسب انتشار الخواف الاجتماعي في المجتمعاتالأوربية ما بين 7% إلي 13% . و يحدث الخواف الاجتماعي في المرحلة العمرية الواقعة ما بين 11 -19 سنة، وبداية حدوثهفي مرحلة الرشد منخفض جدا فقد بلغت 4-5 لكل 1000 حالة سنويا و هذه الحالات الجديدة تكون ثانوية لاضطرابات أخريهي اضطراب الهلع ، و اضطراب الاكتئاب الأساسي . و هو أكثر انتشارا بين الإناث عن الذكور ، و أن 85% من المرضي بالخواف الاجتماعي ( الرهاب الاجتماعي ) يخبرون صعوبات أكاديمية ومهنية تتضح من خلال عجزهم عن مقابلة المطالب الاجتماعية للأمان و استمرارية العمل والعلاقات مع الآخرين .
المحكات التشخيصية للخواف الاجتماعي ( الرهاب الاجتماعي )
أ- خوف مثابر وواضح أو مميز لواحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية أو العملية يتعرض فيها الشخص لأشخاص غرباء أو غير مألوفين له أو احتمال إمعان النظر فيه من قبل الآخرين ، ومخاوف الفرد من أنه قد يتصرف بطريقة ( أو يظهر أعراضالقلق ) مربكة ومخجلة .
لاحظ أنه : في الأطفال يجب أن تتوافر أدلة علي الطاقة الملائمة للسن في إنشاء علاقات اجتماعية مع الأشخاص المألوفين ، وأن القلق يجب أن يحدث في محيط الأقران ، وليس فقط في التفاعلات مع الراشدين .
ب- التعرض للمواقف الاجتماعية المخيفة بشكل ثابت أو دائما تقريبا يثير أو يولد القلق الذي من الممكن أن يأخذ شكل نوبةهلع مرتبطة بموقف أو يهيئ لها موقف .
لاحظ أنه : في الأطفال من الممكن أن يتم التعبير عن القلق من خلال البكاء، أو نوبات الغضب أو بالتجمد أو الهروبمن المواقف الاجتماعية.
ﺠ- يعرف الشخص أن الخوف مبالغ فيه ، وأنه غير معقول أو منطقي. مع ملاحظة أن هذه الخاصية ربما تكون غائبة فيالأطفال.
د- يتم تجنب المواقف الاجتماعية أو العملية المخيفة ، أو أنها تكون محتملة بشكل ما مع مزيد من الآسي و القلق النفسي .
ﻫ- التجنب أو التوقعات القلقة أو الآسي النفسي في المواقف الاجتماعية و العملية المخيفة تتدخل بدرجة واضحة وتكون معطلة للمهام الروتينية الاعتيادية للفرد ، و المهام الوظيفية و الأكاديمية والأنشطة الاجتماعية أو العلاقات الاجتماعية مع الأخرى ، أو وجود انزعاج بين من حدوث خواف.
و- في الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة تستمر الأعراض لمدة 6 أشهر علي الأقل.
ز- الخوف أو التجنب لا يعزي إلي التأثيرات الفسيولوجية المباشرة (مثل تعاطي علاج طبي أو سوء استعمال مادة أو عقار)أو حالة طبية عامة ولا يفسر باضطراب عقلي آخر مثل اضطراب الهلع مع أو بدون الخوف المرضي من الأماكن العامة ،أو اضطراب قلق الانفصال أو اضطراب تشوه الجسم ، أو اضطراب نمائي شامل و اضطرابات الشخصية الفصامية.
ﺠ- إذا توافرت حالة طبية أو اضطراب عقلي آخر فإن الخوف في محك (أ) يكون غير مرتبط به مثلا الخوف ليس مناللجلجة أو الارتعاش كما في مرض باركنسون أو في السلوك الشاذ للأكل كما في فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي .
التشخيص الفارقي
بالرغم من أن أعراض كل من الرهاب الاجتماعي و نوبات الهلع المصحوبة بالخوف من الأماكن الفسيحة تكون شديدةالتداخل و التشابه . إلا أنه يمكن التمييز بينهما ففي نوبات الهلع تكون مرتبطة بالخوف من الأماكن العامة حيث يتم اختبارهاعلي أنها تلقائية علي الأقل بعض الوقت ، بينما الفوبيا الاجتماعية تكون مرتبطة بحالات محددة . و يعتمد التمييز بين الرهاب الاجتماعي و اضطرابات الشخصية الهذائية بشكل أساسي علي قدرة الشخص فيالنظر إلي أن نوايا الآخرين لا يمكن أن تكون نوايا حقد عليه .
و في التحفظ الاجتماعي السوي : حيث يكون الأطفال فيه بطيئين في عمل علاقة مع الناس الغرباء ، ولكن بعد وقت قصيريمكنهم الاستجابة للتفاعل مع الرفاق. وفي اضطراب قلق الانفصال يتركز حول الانفصال عن البيت أو عن شخص مرتبط به .وف ي اضطراب القلق العام حيث يكون القلق غير مرتبط بالاحتكاك بالغرباء . و في الاضطراب الاغتمامي و نوبات الاكتئابالأساسي حيث يكون الانسحاب الاجتماعي موجودا و لكن لا يرتبط بمواقف التجنب . و في اضطراب التأقلم المصحوب بانسحابيرجع لضغوط نفسية اجتماعية حديثة و يظل لأقل من ستة شهور .
أسباب المخاوف الاجتماعية ( الرهاب الاجتماعي )
تلعب العوامل الوراثية دورا معتدلا في نمو المخاوف المرضية الاجتماعية في كل من الأطفال والراشدين ، وحددت نتائج الدراسات حدوث معدلات مرتفعة من الخواف الاجتماعي بين أفراد الأسرة الذين يعانون منها. ويقرر أخصائيون أن الوراثة تسهم بنسبة دالة في حدوث الخواف الاجتماعي بلغت 0.31 في عينة من التوائم الأنثوية بلغ قوامها (2163) و أن الوراثة تلعب دورا واضحا في حدوث الفوبيا و كذلك العوامل البيئة .
ويشير نيكولز Nichols ( اخصائي ) إلي أن هؤلاء المرضي لديهم حساسية غير عادية للنقد ، و تقويم للذات منخفض ، و أفكار جامدة فيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي ويرتبط الخواف الاجتماعي بتشوهات وتحيزات في تجهيز المعلومات الاجتماعية ، والأفكار ، والاتجاهات ، والمعتقدات.
والأساليب التي تتخذها الأم في تربية طفلها يكون لها تأثير واضح في حدوث الخواف الاجتماعي علي سبيل المثال الحمايةالزائدة , كما تؤثر أحداث الحياة السلبية علي حدوث الخواف الاجتماعي مثل الطلاق ،والاضطرابات النفسية الوالدية ، و انهيار الزواج ، و الصراع الأسري و الإساءة الجنسية .
علاج الخواف الاجتماعية ( الرهاب الاجتماعي )
1- يستخدم دواء الفينيلزين ( Phenelzine ) في علاج الرهاب الاجتماعي بالإضافة إلي دواء البروبرانول ( Propranold ) و الأدوية المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات ، و يتم استخدام العلاج النفسي مع العلاج الدوائي و ذلك بفنية التحصين التدرجي .
2- تعلم كيفية التحكم في القلق و الهلع من خلال تدريبات الاسترخاء ، والتحكم في زيادة معدل التنفس ، والعلاج التدريجي فيمواجهة المواقف المثيرة للخواف الاجتماعي ، ويتطلب تعريض المريض لجلسات تتراوح بين 16- 24 جلسة بالعلاجالسلوكي المعرفي والتي تتضمن التدريب علي المهارات الاجتماعية وإعادة البناء المعرفي . و التي ينتج عنه تغيير أنماط التفكير والمعتقدات الخاطئة والمغلوطة . والعلاج السلوكي المعرفي الجمعي للرهاب الاجتماعيوالذي يتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي :
(1) التعرض المباشر للمواقف الشبيهة بالمواقف المثيرة للخوف والرهابالاجتماعي
(2) إعادة صياغة الأفكار معرفيا
(3) واجبات منزلية محددة للتعرض للمواقف المثيرة للخوف في الحياةالاجتماعية الواقعية.
3- العلاج السيكودينامي (العلاج التعبيري المساند ) وقد طور هذا النوع من العلاج ليبورسكي و هذا العلاج قصير المدى ويستغرق 25 جلسة علاجية ، و طويل المدى يتراوح ما بين شهور إلي عدة سنوات ، و يفترض ليبورسكي أن التهيؤ البيولوجي النفسي الاجتماعي يلعب دورا هاما في انتقاء الأعراض ، و هذا النوع من العلاج يركز عليتناول لب العلاقات الصراعية المرتبط بأعراض المرض ، ومن ثم وضع الأهداف العلاجية ، و التدخلات التفسيرية لتحسين استبصار المريض ، و تدخلات المساندة لمساعدة المريض للتغلب علي الخواف الاجتماعي ، و قد نجح اخصائيون في علاج الخواف الاجتماعي باستخدام هذا الأسلوب.
4- العلاج الأسري : علي الوالدين تدعيم الثقة بالنفس عند الطفل ، وهذه الثقة لا يمكن بناؤها عن طريق عمل أغلب الأشياء للطفل أو بإنقاذه بسرعة في المواقف العادية البسيطة أو بتدليله ، ولكن بتعريفه بانجازاته و نجاحاته و خلق مواقف تسد ثغرات فقدان الثقة التي لحقت بالطفل من قبل . كما ينبغي علي الوالدين تحاشي توجيه النقد للطفل و لا داعي لتصويب الأخطاء أو اللوم أمام الآخرين ، وعدم تذكيره بأوجه فشله بل يجب جذب انتباهه كي يري و يلمس بنفسه كم هو ناجح في أشياء للاعتزاز بها.
وفي هذا الصدد انتهت نتائج دراسات إلي أن علاج الخواف الاجتماعي لدي ثلاثة متخلفات عقليا يبدين نفورا متزايدا من رؤية أو محادثة أو مجرد الاقتراب من أشخاص راشدين غير مألوفين لهم. و تم استخدام الفنيات التالية ( النمذجة بالمشاركة ، و التدريب ، و التكرار و أسلوب التعرض بالمواجهة في الواقع ، و المعززات الرمزية و الغذائية ) .
أضف تعليق