اصابات العمود الفقري
ازدادت حوادث الطرق و المصانع بشكل كبير ، حتى أن أقسام الطوارئ و استقبال الحوادث بالمستشفيات ضاقت بالوافدين إليها من المرضى ، و لا شك أن إصابات العمود الفقري تمثل نسبة عالية بين المصابين سواء فى أوقات الحرب ، أو نتيجة لحوادث الطرق و المصانع فى زمن السلم .
و العمود الفقري هو الهيكل الرئيسى الذى يقوم عليه بناء جسم الإنسان ، و هو يعرف ” بالصُّلب” كما ورد فى قوله تعالى ” يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ و التَّرَائِبِ ” (الطارق: 7) .
كل هذا يشير إلى مدى أهمية العمود الفقري بالنسبة للإنسان ، و هو يتكون من سبع فقرات عنقية و اثنتى عشر صدرية و خمس قطنية و خمس عجُزية ، و أربع عُصعْصية ، و كل فقرتين متتاليتين من الفقرات العنقية و الصدرية و القطنية يفصلهما غضروف أملس السطح يشبه القرص أو الطبق يساعد على سهولة الحركة و يمتد العمود الفقري من قاع الجمجمة إلى نهاية العظم العصعصى عند المقعدة ، و تخترقه ” قناة فقارية ” يرقد فيها ” النخاع الشوكى ” الذى تنبت منه الأعصاب المحركة لعضلات الأطراف الأربعة و عضلات التنفس و عضلات الجذع و الرقبة و الأعصاب الحسية التى تحمل إحساسات الألم و الحرارة و البرودة و اللمس و الحركة و الوضع و غيرها من جميع أجزاء الجسم .
و لنا بعد كل هذا أن نتصور مدى خطورة أن يتعرض العمود الفقرى للإصابة، فقد يصاب المريض “بصدمة عصبية” عنيفة تودى بحياته، وقد يصاب بشلل رباعى، أو بشلل سفلى مصحوب باحتباس البول والبراز أو سلسهما وعدم القدرة على التحكم فيهما، وقد تصاب عضلات التنفس بالشلل، وقد تكون إصابة العمود الفقرى مصحوبة بانفجار فى الكبد أو الطحال أو المثانة البولية أو بتمزق فى الأمعاء أو بنزيف فى المخ أو تهتك فى الرئة.
ولعل أهم ما يجب اتباعه إزاء شخص أصيب فى ظهره هو مراعاة عدم تحريكه إلا تحت إشراف طبى مع الراحة التامة وإعطائه أدوية مسكنة وأخرى مرخية للعضلات، مع استعمال “طوق عنقى” لتثبيت الرقبة والحد من حركتها.
أما إذا كانت الإصابة قد لحقت بالفقرات الصدرية أو القطنية العجزية ، فإن المريض قد يحتاج لأن يوضع فى ” صديرى من الجبس ” أو يُكتفى بتثبت ظهره باستعمال حزام طبى خاص مزود بعدد من الأسياخ المعدنية التى تحد من حركة الظهر، و هناك نسبة من حالات إصابات العمود الفقري تحتاج لتدخل جراحى عاجل ، و ذلك لتخفيف الضغط عن ” النخاع الشوكى” لإنقاذ المريض من الشلل ، و قد يعترى المريض شلل سفلى أو رباعى نتيجة لانزلاق أحد الغضاريف التى تفصل بين الفقرات الظهرية ، أو العنقية فيضغط على ” النخاع الشوكى” و الأعصاب المتصلة به مسبباً شللاً بالأطراف مصحوباً بفقدان الحس بها .
و الإنزلاق الغضروفى قد يحدث تلقائياً لدى المسنين ، أو ينتج عن إصابة الرقبة أو الظهر فى مختلف الأعمار ، أو يحدث نتيجة لرفع شئ ثقيل من الأرض ، كما تؤدى تشوهات العمود الفقري الخلقية والمكتسبة إلى انضغاط النخاع الشوكى مسببة ضعفاً أو شللاً بعضلات الأطراف أو نقص الحس بها، كذلك فإن الفقرات قد تصاب بالأورام الحميدة أو الخبيثة أو تترسب فيها خلايا سرطانية تصلها عن طريق الدم من سرطانات الغدة الدرقية أو الثدى أو الرئة أو المعدة أو القولون أو الكلية أو البروستاتا، وفى هذه الحالة يشكو المريض من آلام فى الظهر و الأطراف وضعف تدريجى فى عضلاتها نتيجة للضغط على النخاع الشوكى بواسطة الورم نفسه.
و خلاصة القول : إن شلل الأطراف الأربعة أو ضعفهما وشلل الطرفين السفليين أو ضعفهما يرجع إلى إصابة العمود الفقري أو النخاع الشوكى و الأعصاب المتصلة به نتيجة لتعرض المريض لضربة أو سقطة أو انزلاق عضروفى ، أو ورم أو التهاب بالفقرات أو قصور فى الدورة الدموية للنخاع الشوكى ، أوتشوهات خلقية أومكتسبة بالعمود الفقرى أو بالنخاع الشوكى ذاته .
و جدير بالذكر : أن التشخيص المبكر و العلاج المتخصص ينقذ الكثيرين من التعرض لعجز قد يلزمهم الفراش طيلة حياتهم .
أضف تعليق