صحة العائلة

خرافات منتشرة في المجتمعات العربية – خرافة البيت المسكون

خرافات منتشرة في المجتمعات العربية - خرافة البيت المسكون

خرافة البيت المسكون !

فيلا فخمة ضخمة يملكها س في احدى المناطق البعيدة نوعاً ما عن السكان , فصاحبها يحب أن ينعم بالهدوء و الراحة ,

و  لكنه باعها لظروف مادية او لأنه انتقل للعيش في بلد آخر ؟

شائعة قوية تحوم حول الفيلا و تنتقل مثل النار في الهشيم : البيت مسكون ! البيت المسكون !

مسكون ؟ منْ مَن ؟ من قبيلة كاملة من الجان بل أن الجان جعل من الفيلا , مقراً للاجتماعات الدورية ؟ فحذاري  حذاري من الاقتراب من الفيلا , الجان لا يحب المزاح أبداً .

أم البيت الذي هجره سكانه منذ 15 عاماً تقريباً و المحاط بأشجار من السرو و البلوط , و يقع في منطقة مرتفعة تشرف على المدينة , فهذا البيت مسكون لا شك في ذلك , كثيرون أكدوا أنهم يسمعون أصوات تنبعث منه ليلاً , و تتحرك شموع في أرجاء المنزل الذي لا يسكنه أحد , بل أن هناك أشباحا تظهر بسرعة على الشبابيك و تختفي بسرعة البرق , فهي لا تحب كاميرات التصوير و لا الشهرة  , على الاطلاق !

حقيقة أن هذه القصص لها متسع فسيح لتستقر  في العقلية العربي بلا نية بالمغادرة  , الناس يحبون الغموض و يخشون من العالم الآخر أيضاً , و الشائعات تنتشر بسرعة اذا ما كانت تتعلق بالجان و العالم الآخر !

و الحقيقة غير ذلك تماماً , أخشى أنني جلبتك الى هنا لتستمتع بالغموض و حكايات الجان و قصصهم الغريبة , و هناك الكثير من هذه الحكايات في قصص ألف ليلة و ليله .

الحقيقة اننا في عصر العلم و التكنولوجيا و الطب أيضاً و قبل ذلك كله الدين هو  الركيزة الأساسية في محاربة الجهل و الخرافات .

في عصر العلم و التكنولوجيا , لا يوجد متسع كما في العقلية العربية لأي أوهام و اشاعات , يوجد اجهزة تقيس و كاميرات تصور و عقول تحلل , و كل ذلك لم يثبت أن هناك بيت مسكون و لم يصور لنا أحد جان يتنقل من غرفة الى غرفة في جو من الرومانسية و هو يحمل الشموع ؟

فما الذي يساعد على انتشار مثل هذه الخرافات ؟

  • الفهم الخاطئ للدين , فوجود الجن يقره الدين بلا شك و قد ذكر في غير موضع في القرآن الكريم , لكن ليصارحني احدكم بأي استدلال قرآني أو حديث صحيح يدعم القول بسكن الجن في بيوت الناس و اطفاء الاضواء و حمل الشموع و العبث بأواني الطبخ , ماذا أبقوا لمنال العالم ؟

اقرأ ايضاً : علاج الجان للانسان بين الحقيقة و الهذيان .

  • الكتاب و الأدباء الذين يسعون للشهرة بأي ثمن , و لا يوضحون للناس الفرق بين الخرافة و الحقيقة العلمية و قصص ألف ليلة و ليلة , فالكتاب مزيج من كل ذلك , فلا هو كتاب علمي و لا كتاب تسلية و أساطير , مزيج مضروب بخلاط قوي  ليعمل مفعول السحر بعقول الناس ,كتابات أنيس منصور ” رحمه الله ” مثال على ذلك , يتكلم عن الذين هبطوا من السماء ثم الذين صعدوا الى السماء , يتكلم عن مخلوقات غريبة هبطت و صعدت , ثم يتكلم في ” أرواح و أشباح ” عن جان و عفاريت  و كل ذلك في قالب يبدو للناظر أنه حقائق مسلم بها , و بالطبع انيس أول من يعرف أن هذه مجرد خرافات و أوهام , و لكن الناس تحب نوعين من الكتابات : الحب و العواطف , و الغموض و حكايات العالم الآخر , و هناك دائماً من سيكتب لهم و يخرج لهم الأفلام  .
  • التكنولوجيا الحديثة , أيضا سلاح ذو حدين , فكما تساعد على دحض الأوهام و الخرافات , قد تكرسها بقوة , فقد أصبحت قدرات المونتاج و الدبلجة هائلة , و اليوم هناك تقنيات التجسيد ثلاثي الأبعاد التي تتطور بسرعة هائلة و ستسهم اسهاماً ضخماً في تغيير الكثير من المفاهيم , فقد نشهد في المستقبل اشخاص كثر بأجنحة يطيرون , ولكنهم تجسيد بأشعة الليزر , و يبقى استخدام هذه التقنيات أيضاً يحتاج الى ضوابط و قوانين .
  • هناك من يستفيد من ترويج الشائعات و يعمل على ترويجها بقوة كبيرة , انظمة اعلامية ليست بالصغيرة تسخر امكانياتها لنشر الأوهام و الخرافات في بعض المجتمعات , لإشغال الرأي العام . فكل يوم حلقة عن بيت مسكون و نار تشتعل لوحدها , و أناس يرون الجان كل يوم , فاذا ما حضرت الكاميرات قالوا : ان الجان خجول و لا يحب الكاميرات !
  • النفسية المعدة لقبول أي خرافة و أي شائعة , نتيجة التربية الخاطئة من الأهل حول : الغول و العفاريت و القصص التي قد يرويها الأهل بحسن نية للأطفال , و لكنهم يفاجؤون أن ابنهم  بعدها اصبح يخاف بشدة من الجلوس لوحده و لديه خوف متنامي من الاماكن المظلمة , و بالطبع لديه قبول لتصديق أي قصة خرافية عن الجان و العفاريت !
  • هناك مرضى نفسيين و لديهم هلوسات بصرية و سمعية وهناك من لديهم قناعات راسخة و لكنها لا تمت للحقيقة بصلة و هذا ما يعرفه أهل الاختصاص جيداً , و من الممكن ان يساهم هؤلاء و بكل قناعة في نشر شائعات حول الجان و العفاريت .
  • فئة اخرى مستفيدة , و هي من تتاجر بآلام الناس و أوجاعهم و جهلهم أيضاً , و هؤلاء يتمنون لو كل البيوت مسكونة و كل الأجساد مركوبة !

 

4 تعليقات

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.