صحة العائلة

الطفل العنيد , كيف أتعامل معه ؟

طفل عنيد يصرخ

كيفية التعامل مع الطفل العنيد

عناد الأطفال سببه الجينات أو البيئة و طريقة التربية ؟

هل الطفل العنيد يولد عنيداً , أم أن البيئة المحيطة و طريقة التربية لها دور في تركيب الطفل العنيد ؟
حسنا , إنه مزيج من هذا و ذاك , لا يمكن تجاهل دور الوراثة و المورثات الجينية , كما لا يعقل اغفال دور
بعض الأطفال قد لا يولدون عنيدين و لكنهم يصبحون كذلك مع مرور الزمن , كما أننا نعلم جميعا أن هناك بعض الأطفال و الشباب لديهم تعاون و بغض النظر عن طريقة الكلام معهم و فإنهم حريصين على ارضاء والديهم و ينفذون مطالب الوالدين دون تذمر أو تباطؤ , و في الواقع أطفال و شباب من هذا النوع هم حلم معظم الآباء و الأمهات و المعلمين , و لكنهم قلة للأسف و من النادر أن تجد اكثر من واحد في الأسرة الواحدة , لو كان كل الأطفال من هذا النوع فلن نحتاج إلى هذا الموضوع .

هل يمكنك تغيير الطفل العنيد ؟

السؤال المهم لهذا المقال هو: هل هناك طريقة يمكن أن نحصل بها على تعاون أفضل من أطفالنا بغض النظر عن مدى نسبة العناد لديهم منذ ولادتهم ؟
الجواب هو نعم , هناك طريقة. تغيير طفيف في الطريقة التي نتحدث بها مع هؤلاء الأطفال و حتى اليافعين يمكن أن تؤدي إلى تعاون أفضل بكثير و خلافات أقل و نوبات غضب و هياج أقل ، و احتياجات أقل لإجراءات تأديبية ، و كراهية أقل والمزيد من علاقات المحبة. زعماء و قادة عظام اتبعوا ما نحن بصدد الحديث عنه و كذلك المعلمين الكبار يستخدمون هذه التقنية في كل يوم .

لا تضع نفسك في موضع الخسارة

دعونا نرجع الى الخلف قليلا في هذا الشأن . وسوف ندرس حالة مدرس يخلق مشكلة في الفصول الدراسية في محاولاته للسيطرة على تصرفات بعض . بعد ذلك سننظر في كيفية اذا ما كان يمكن تجنبها في المقام الأول, بعد ذلك سوف نلقي نظرة على استخدام هذه التقنية في بيوتنا مع أطفالنا :
المعلم: (متحدثا و مسمعاً جميع الطلاب) : أحمد ، لماذا نقلت مقعدك من مكانه ارجع بسرعة حيث كنت !
أحمد: أريد المساعدة من علي لذلك ذهبت اليه .
المعلم : انت لا تحتاج الى المساعدة ارجع بسرعة حيث كنت !
أحمد : و لكن أنا بحاجة إلى مساعدة في هذا الشأن .
المعلم : انقل هذا الكرسي بسرعة و ارجع حيث كنت .
أحمد: لا تتحدث معي بهذه الطريقة أنت لست والدي لتتحدث معي بهذا الشكل .
عند هذه النقطة تدهور الوضع , و صدر أمر لأحمد بمغادرة القاعة فرفض ، و هدده المعلم بإجراءات تأديبية و عند سماع هذا ، حدثت ضجة و علا صوت الطالب و المعلم و اصبح هناك حاجة لتدخل أطراف أخرى من المهنيين لإنهاء هذه المشكلة .

لا تضع نفسك أصلا في وضع الخسارة أو الربح

هناك تصور و نهج آخر في نفس الوضع . 
المعلم يقترب من الطالب و يخاطبه في أذنه : أحمد هلا رجعت بمقعدك حيث كنت , شكراً لك !
(الطلب بطريقة السؤال لا يلغي سلطة المعلم و في نفس الوقت لا يأخذه الطفل العنيد كأي تهديد و يلغي فرصة الطالب ليكون في وضع المتحدي ).
الطالب العنيد: و لكن أنا أريد المساعدة من علي .
المعلم : أنا متأكد من أن هذا صحيح ، و لكني أود منك أن ترجع إلى مكانك الآن .
الطالب العنيد : لا , لن أعود إلى مكاني !
المعلم : هل تعتقد حقا أنه من الحكمة أن ترفض طلبي عندما أطلب منك بطريقة لطيفة أن تعود لمكانك , أنا شخصياً لا أعتقد أن هذا قرار حكيم سنتحدث عن ذلك لاحقاً ؟. (المعلم يمشي بعيداً و يترك الطالب و لا يمكن ان يخلق تصرف كهذا اضطراباً أو يصنع مشكلةً )
على أي حال امتثل الطالب لأمر المعلم بعد ان كان لا يفكر هذا الطالب العنيد بالتحرك و الانتقال من مكانه , لا أحد أيضاً قد يخسر في هذا الموقف لو لم يمتثل الطالب للأمر في هذه المرحلة. الطلاب الآخرين ليسوا على علم بهذه المشكلة و لم يتم الطعن في سلطة المعلم أمام الطلاب. المعلم أيضاً لديه الفرصة ليعرف كيف يتصرف مع عدم تعاون هذا الطالب العنيد و عدم التصرف بردة فعل عنيفة قد تخلق مشكلة .
تطبيق هذه التقنية للآباء و الأمهات
كم من الآباء والأمهات لا يعرف أنه وضع نفسه في نفس وضع المعلم المتحدي مع الطالب العنيد الذي لا ينفذ طلبات معلمه , بعض الأوامر قد لا تكون قابلة للتنفيذ في نفس اللحظة و لكن يمكن تنفيذها لاحقاً ! و الاصرار أحيانا على تنفيذ الأوامر مع الأطفال و حتى اليافعين يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير محببة للمربي و للآباء و الأمهات , فالعنف مثلا الذي سيلجأ له الوالدان لإجبار الطفل العنيد على تنفيذ الأوامر ليس أمراً يمكن الاعتماد عليه طويلا , و في كل مرة يتم تجاهل طلب الوالدين أو تحديهم ، يتم تقليل سلطة الوالدين في عيون الأطفال , لذلك حتى مع طفلك جرب الحب و الطلب منه بطريقة غير مهينة .
من المهم أن نتذكر أن الحب و المنطق لدى الآباء لا يقلل من هيبتهم و لا سلطتهم, على الرغم من أنه علاج ناجع لفئة الأطفال و اليافعين العنيدين , بل انه سيعتاد على نمط من تنفيذ رغبات الوالدين بالاحترام لهم أكثر مما هو تحت الاجبار و الانصياع للأوامر تحت التهديد بالعنف .
الأطفال الذين يعيشون في اطار من الحب و التفاهم في بيوتهم تعلموا من خلال التجربة أن الجميع يفوز عندما يكون هناك تعاون وهؤلاء الأطفال أكثر من يعرف أن العناد لا ينفع في كل المواقف لأن تربيتهم من آباء و أمهات حريصين عليهم علمهم أن الكبار يصدرون الأوامر لما فيه صالحهم و ليس العكس .
التقنية التي تحدثنا عنها باختصار هي استخدام كلمات ” تستحث التفكير ” أكثر من كلمات تدفع لمزيد من ” العناد و الرغبة في التحدي ” .

أمثلة على ذلك :

أمر فيه تحدي : خذ سلة المهملات، و أفعل ذلك الآن و فوراً !
طلب بدون تحدي : هل بإمكانك تفريغ سلة المهملات قبل النوم , شكراً لك .
أمر فيه تحدي : لا تتحدث معي بهذه الطريقة و اذهب إلى غرفتك !
طلب بدون تحدي : أرى من اللطف ألا تستخدم هذه الكلمات و اذهب إلى غرفتك شكرا لك .
أمر فيه تحدي : تعال الى هنا فوراً !
طلب بدون تحدي : يا فلان هل تمانع بالمجيء إلى هنا شكرا لك .
أمر فيه تحدي: أذهب إلى مساعدة أختك قليلا و أنا أقول لك الآن .
طلب بدون تحدي : “هل تمانع بمساعدة أختك الآن و سنقدر ذلك .
🙂 لا تنسى عزيزي القارئ العربي أن الموضوع مترجم , لكن عليك ان تستخدم نفس التقنية باللهجة التي تلائم بلدك و بيتك و أطفالك و أبنائك المراهقين .
بعض القراء خاصة العرب قد ينظر و يعتقد أن استخدام ” الطلب بهذه الطريقة التي تعتمد على التخيير ” قد تعني عدم وجود سلطة على الإطلاق . في الواقع، بعض القراء قد يقول حتى : “ما هذه الطريقة و كأنها طريقة جبان في الحديث , أين سلطة المعلم و الأب و الأم على الطلاب الأطفال و الأبناء ؟
جوابي هو : لا تكون متسرعاً جدا في الحكم .
أنت تحب ابنك و المعلم يريد ان يربي طلابه فهو مربي أولا , و ليس في مستوى الطلاب و تحديهم , و لكنك تريد أن تكون قدوة دون أن تلغي سلطتك , العنف المتكرر مع الأبناء لن يكون في صالحهم أبداً هناك طرق كثيرة غير هذه التقنية التي قد يراها البعض تحتاج إلى صبر طويل , و لكنها بلا شك تأت بنتائج افضل من استخدام العقاب المتكرر , أو أسلوب التحدي مع طفل او طالب قد يكون لديه أصلا مشكلة سلوكية أو حتى نفسية و ربما اكثر من ذلك , نحتاج إلى نظرة أعمق من مجرد فرض السلطة فقط , خاصة مع من نحبهم .

دعونا نلقي نظرة على جدوى واحد من هذه الأمثلة و متابعته من خلال كيف يمكن للأطفال التعلم بطريقة أفضل دائماً حينما يتم الطلب منهم بطريقة لطيفة :
يقولون ان أحد الزعماء : ” تحدث بهدوء، ولكن احمل عصا غليظة ”
و أنا لا اوافق حتى على هذا القول , بل عليك أن تفكر كيف تربي دون التلويح المستمر بالتهديد و العقاب عوضاً عن استخدامه , يمكننا ان نقول استخدام السلطة بشكل محب و ليس بأسلوب قمعي و عنيف يؤثر على شخصية الابناء و ربما يحطمهم أيضاً.
ربما يرى بعض القراء الأعزاء أن الموضوع لا يقدم الكثير من الحلول لذلك سـأفرد موضوعا آخر يفصل أنواع العناد عند الأطفال و أسبابه و سبل العلاج .
ربما يكون أقرب لنا كعرب من الطرق الأجنبية 🙂 فأنا متأكد أن كثيرين و هم يقرأون الموضوع كانوا يقولون : و ماذا عن الضرب على المؤخرة ألا ينفع أيضاً ؟ مع الطفل العنيد

3 تعليقات

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.