صحة العائلة

الاكتئاب : مرض العصر الحديث .

الاكتئاب هل هو  خلل في كيمياء الدماغ  فقط ؟

يعتبر الإكتئاب النفسي مرض مثله كباقي الأمراض الأخرى كارتفاع ضغط الدم و السكري والروماتيزم و غيرها ، و اذا كانت هذه الأمراض عضوية و يسارع الناس لعلاجها , فينبغي أن نعرف أن الاكتئاب مرض أيضا و لكنه يصنف كمرض نفسي فهو يحتاج إلى علاج فعال , ليتخلص الشخص المكتئب من هذا المرض .
كما أنه لا يمكننا وصف هذه الحالة المرضية بأنها إحدى علامات ضعف الشخصية أو أنها مرتبطة بقوة الإرادة للتغلب على هذا المرض الذي يصيب البعض , و لا ينبغي تأخير العلاج و الذهاب للطبيب , بل كأي مرض آخر تعتبر حالات الاكتئاب من الحالات التي تحتاج الى تدخل علاجي و سلوكي أيضا لإخراج المريض من نفق الإكتئاب المظلم الذي من الصعب ان يخرج منه من تلقاء نفسه , خاصة بعد أن قرر الاخصائيون سابقا  أن الاكتئاب ناتج عن خلل في كيمياء الدماغ , فليس معقولا ان نتغلب على خلل من هذا النوع بقوة الارادة مثلا !

و لكن هناك وجهات نظر معتبرة ان الاكتئاب ليس مجرد خلل في كيمياء الدماغ , شاهد الفيديو التالي

 

فيديو مترجم

و من الجدير بالذكر أن حالات الإكتئاب لا تتحسن من تلقاء نفسها و لابد من التدخل العلاجي الفعال كما أن غياب العلاج الدوائي الفعال قد يؤدي إلى تدهور حالة المريض و استمرار معاناته لعدة سنوات ، و تشير الدراسات الطبية أن تقديم العلاج الملائم يساعد في علاج أكثر من 80 % من حالات الإكتئاب النفسي , و هي نسبة مطمئنة و مبشرة لمرضى الاكتئاب النفسي .

يطلق علي الاكتئاب النفسي “مرض الجسم الكلى” ، فهو ليس مرضاً نفسياً فقط ، و إنما يؤثر أيضاً علي كل أعضاء الجسد , فهو يؤثر على نوم الشخص و طعامه و الطريقة التي يفكر بها عن نفسه و عن الأشياء التي تحيط به و غالبا ً ما تكون تصرفات المكتئب غريبة و مخالفة لشخصيته الحقيقية قبل إصاببته بالمرض .

كل شخص معرض للإصابة بالاكتئاب النفسي

أي شخص معرض للإصابة بمرض الاكتئاب النفسي , لعوامل مختلفة , و ذلك بغض النظر عن جنس الشخص ذكر أو أنثى و تعليمه و سنه و جنسيته و حتى مستوى معيشته غنياً كان أو فقيراً , يمكن أن يصيب الاكتئاب النفسي أي شخص منا بصورة مفاجأة ، و لا يجوز الخلط بين الإكتئاب النفسي كمرض يستوجب العلاج الفعال و بين سوء المزاج الاعتيادي أو الأزمات الحياتية المختلفة .

ما هي مآلات مرض الاكتئاب النفسي ؟

قد يعتقد المصابون بالاكتئاب و الأطباء أيضاً على حد سواء في بداية الاصابة بالمرض بأن الأمر يتعلق بمرض جسدي أو يتم تشخيص الحالة على انها أزمة نفسية عابرة فقط ، لذلك فإنه من الضروري استشارة الأطباء الاخصائيين الذين يملكون القدرة على تشخيص حالة الإكتئاب النفسي بدقة.
و ينبغي معرفة أنه في حالة عدم علاج الاكتئاب النفسي، سيفقد المريض قدرته على الاستمتاع بمباهج الحياة كحد أدنى ، كما أنه قد يقدم على الانتحار في أسوء الحالات .

فيديو توعوي رائع و مترجم حول الاكتئاب من اصدار منظمة الصحة العالمية 

دور الأهل و الأقارب و الأصدقاء مع مريض الاكتئاب ؟

يمكن للأصدقاء والأقارب مساعدة ذويهم المصابين بمرض الاكتئاب وذلك من خلال التعامل معهم بجدية وعدم نبذهم أو اليأس من حالتهم و تصرفاتهم أو اتهامهم بالاختلال العقلي ونصحهم بالذهاب إلى الطبيب المختص من أجل تشخيص حالتهم وتقديم العلاج المبكر لهم , كما أن من المهم جدا أن نعرف أن تفهم المحيطين للمريض بالاكتئاب لحالته يعني واقعية التعامل مع الحالة و تقديم المساعدة اللازمة للمريض و عدم التفهم يعني بالطبع أن تزداد الحالة سوءا للأسف .

[adss1]

للإكتئاب النفسي وجوه متعددة

إن أغلب المرضى المصابين بالإكتئاب النفسي يمرون خلال حياتهم بنوبة أو أكثر من نوبات الإكتئاب التي تختلف في مدتها و شدتها فقد تستغرق عدة أسابيع أو عدة أشهر , و قد يصاب بعض المرضى عدة مرات بالإكتئاب في حالة عدم تلقيهم العلاج الناجع . بعض المرضى لا يعانون من الإحباط والملل خلال أشهر الخريف و الشتاء بل تصيبهم حالات إكتئاب نفسية .
و لا يمكننا أن نعتبر الإكتئاب النفسي مرضاً يصيب فئة عمرية معينة مثل كبار السن فقط لأنه يصيب صغار السن أيضا. وقد يعاني المصابون بالإكتئاب النفسي من أعراض تختلف في نوعيتها و شدتها , كما أن أعراضه الرئيسية لا تتمثل دائماً في فقدان الاستمتاع بمباهج الحياة فقط و سيطرة الأفكار التشاؤمية على المريض . فالبعض يلاحظ غياب الحيوية و المتعة و النشاط و الرغبة بالعمل و فقدان الرغبة الجنسية ، و عند البعض الآخر يُلاحظ حالة قلق و توتر غير مبررة و صعوبات في التركيز و نوبات هلع ، تختلف في حدتها من شخص لآخر . و في أسوأ الحالات لا يستطيع المريض مزاولة نشاطاته اليومية بشكل اعتيادي وطبيعي , وجوه متعددة للأسف لهذا المرض .

الإكتئاب النفسي مرض كباقي الأمراض وهو قابل للعلاج

لمعالجة الاكتئاب يجب عدم الخجل في الذهاب الى طبيب نفسي

هناك عوائق عديدة أمام علاج ناجح و فعال للإكتئاب النفسي و لكن أغلبها يتمحور حول المريض نفسه :

و من هذه العوائق :
1- عدم إدراك مريض الاكتئاب لطبيعة مرضه و ترك الأمور للتكهنات او اعتبار المرض نوع من ضعف الشخصية أو ضعف العزيمة و الارادة و كل ذلك يؤدي الى تأجيل الرغبة في العلاج
2- الخجل من اللجوء إلى الطبيب النفسي و الخشية من الوصمة الاجتماعية و ” كلام الناس ”
3- اعتبار ان الاكتئاب و الأمراض النفسية قضاءاً و أمراً لا مفر منه و هو تصور خاطئ , فالدين و الشرع الحنيف لا يتعارض مع طلب العلاج و التداوي و الاستمتاع بمباهج الحياة .
4- خشية المريض من الأدوية و العلاجات النفسية , و آثارها الجانبية خاصة مع كثرة الشائعات حول هذه العلاجات واعتبار هذه الأدوية عقاقير كيميائية خطيرة و يمكن أن تؤدي الى الادمان مثلا , و كل ذلك لا مبرر له مع اشراف طبي و متابعة من قبل طبيب نفسي مختص .
5- اللجوء للمشعوذين و السحرة و الدجالين و هذا يزيد الأمر سوءاً بلا شك , و يؤدي الى وقوع المريض في شرك الدجل و الشعوذة و هؤلاء بالطبع و بلا ادنى شك , سيزيدون الأمر سوءاً بزيادة أوهام المريض و تجاهله لطبيعة مرضه الحقيقية .

هل يحتاج الاكتئاب النفسي الى العلاج السلوكي أم العلاج الدوائي ؟

يحتاج مريض الاكتئاب لمساعدة طبية

حالياُ يمكن علاج حالات الإكتئاب النفسي بواسطة أساليب العلاج النفسي و السلوكي الحديثة وبمساعدة أدوية طبية ليس لها إلا آثاراً جانبية ضئيلة و هي ذات كفاءة عالية جدا في علاج هذا الاكتئاب , وغالباً ما يتم استخدام علاج يجمع بين الطريقتين
.
وللأسف الشديد لا يزال الاعتقاد غير المبرر سائداً بأن من يلجأ إلى أخصائي العلاج النفسي يعاني من “الجنون” و أن عقاقير العلاج النفسي عبارة عن “أدوية كيميائية خطيرة”. تقوم مضادات الاكتئاب ، التي لا تسبب الإدمان و لا تغير من تركيب الشخصية ، بمعادلة هذا الخلل الكيميائي في الدماغ . ومن أجل تجنب العودة إلى حالة الإكتئاب مرات أخرى يجب تناولها لفترة طويلة . و بالاضافة لذلك يساعد العلاج النفسي المصابين بالإكتئاب النفسي على التعامل بشكل أفضل مع المرض. و هنا تلعب تقوية التجربة الإيجابية وكسر حلقة الأفكار التشاؤمية دوراً أساسياً في الخروج من هذا النفق المظلم . وفي أغلب الأحوال يكفي العلاج النفسي لمساعدة المرض المصابين بحالات إكتئاب خفيفة و لكن في أغلب الحالات يحتاج المريض إلى تدخل دوائي .

دور الدين في مساعدة مريض الاكتئاب ؟

كأي مرض آخر يحتاج مريض الاكتئاب الى الصبر و الى مجابهة المرض و عدم الاستسلام له و طلب العون من الله عز و جل ليشفيه من مرضه , و هذا لا يعني عدم طلبه للعلاج فهذا لا يتعارض مع ذاك , بل يوازيه و يسانده .
المهم ألا يلجأ مريض الاكتئاب للمشعوذين و السحرة و الدجالين و هؤلاء سيزيدون الأمر سوءاً بلا شك , و يبعدون المريض عن طريق العلاج الحقيقي و الناجع لمرضه , بل سيكرسون الأوهام و الترهات في عقله و يزيدون من مرضه بدجلهم و شعوذاتهم .

20 تعليقات

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.