اصبر لدهر نال منك ……….. فهكذا مضت الدهور
فرح و حزن مرة ………. . لا الحزن دام و لا السرور
تعريف الصبر
الصبر لغة: الحبس و الكف ، قال تعالى : ( و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي…) الآية ، أي احبس نفسك معهم.
و اصطلاحاً : حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله قال تعالى : ( و الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ) .
مجالات الصبر في القرآن الكريم :
أ – الصبر على بلاء الدنيا .
ب – الصبر على مشتهيات النفس .
ج – الصبر على طاعة الله تعالى .
د – الصبر على مشاق الدعوة إلى الله .
هـ الصبر حين البأس .
و – الصبر في مجال العلاقات الإنسانية .
أهمية الصبر :
الصبر: أبرز الأخلاق الوارد ذكرها في القرآن حتى لقد زادت مواضع ذكره فيه عن مائة موضع، وما ذلك إلا لدوران كل الأخلاق عليه ، وصدورها منه، فكلما قلبت خلقاً أو فضيلة وجدت أساسها و ركيزتها الصبر ،
فالعفة : صبر عن شهوة الفرج والعين المحرمة ،
و شرف النفس : صبر عن شهوة البطن ،
و كتمان السر : صبر عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام ،
و الزهد : صبر عن فضول العيش ،
و القناعة : صبر على القدر الكافي من الدنيا ،
و الحلم : صبر عن إجابة داعي الغضب،
و الوقار : صبر عن إجابة داعي العجلة و الطيش ،
و الشجاعة : صبر عن داعي الفرار و الهرب ،
و العفو: صبر عن إجابة داعي الانتقام،
و الجود : صبر عن إجابة داعي البخل،
و الكيس : صبر عن إجابة داعي العجز و الكسل .
و هذا يدلك على ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر ، لكن اختلفت الأسماء و اتحد المعنى، والذكي من ينظر إلى المعاني والحقائق أولاً ثم يجيل بصره إلى الأسامي فإن المعاني هي الأصول والألفاظ توابع، ومن طلب الأصول من التوابع زل. ومن هنا ندرك كيف علق القرآن الفلاح على الصبر وحده (( و جزاهم بما صبروا جنة و حريراً )) (( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ، و يلقون فيها تحية و سلاماً )) (( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )).
و رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أشد أهل الإيمان حاجة إلى الصبر لأنهم الذين يقومون أساساً بالدعوة ويجابهون الأمم بالتغيير وهم حين يقومون بذلك يكون الواحد منهم فرداً في مواجهة أمة تعانده وتكذبه وتعاديه، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل”، و كلما كان القوم أشد عناداً و أكثر إغراقاً في الضلال كانت حاجة نبيهم إلى الصبر أكثر كأولي العزم مثلاً ، نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم الصلاة و السلام .
حكم الصبر :
الصبر من حيث الجملة واجب ، و يدل على ذلك :
أ – أمر الله به في غير ما آية قال تعالى: (( استعينوا بالصبر و الصلاة )) (( اصبروا و صابروا )).
ب – نهيه عن ضده كما في قوله ( فلا تولوهم الأدبار ) وقوله ((و لا تبطلوا أعمالكم)) ((و لا تهنوا ولا تحزنوا)) ((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل و لا تستعجل لهم)).
ج – أن الله رتب عليه خيري الدنيا والآخرة وما كان كذلك كان تحصيله واجباً، أما من حيث التفصيل فحكمه بحسب المصبور عنه أو عليه، فهو واجب على الواجبات وواجب عن المحرمات، وهو مستحب عن المكروهات، ومكروه عن المستحبات، ومستحب على المستحبات، ومكروه على المكروهات، ومما يدل على أن الصبر قد لا يكون لازماً قوله تعالى ((و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، و لئن صبرتم لهو خير للصابرين))، فالصبر عن مقابلة السيئة بمثلها ليس واجباً بل مندوباً إليه.
درجات الصبر :
الصبر نوعان، بدني ونفسي وكل منهما قسمان: اختياري واضطراري، فصارت أربعة:
أ – بدني اختياري، كتعاطي الأعمال الشاقة.
ب – بدني اضطراري كالصبر على ألم الضرب.
ج – نفسي اختياري كصبر النفس عن فعل مالا يحسن فعله شرعاً ولا عقلاً.
د – نفسي اضطراري كصبر النفس عن فقدان محبوبها الذي حيل بينها وبينه.
فضائل الصبر في القرآن الكريم:
حديث القرآن عن فضائل الصبر كثير جداً، وهذه العجالة لا تستوعب كل ما ورد في ذلك لكن نجتزىء منه بما يلي:
1- علق الله الفلاح به في قوله: ((يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون)).
2- الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره: (( أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا )) و قال : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )) .
3- تعليق الإمامة في الدين به و باليقين : (( و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا , و كانوا بآياتنا يوقنون )).
4- ظفرهم بمعية الله لهم :
(( إن الله مع الصابرين )) .
أضف تعليق